الأسباب الظاهرة لكراهية المرأة زوجها -جريدة مصر العربية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله على نعمة الصيام والقيام، وأحمد الله واشكره، فإليه المرجع وإليه المآب، واشهد أن لا إله إلا هو، ولقد جعل الله النهار والليل آية لأولي الألباب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد اتقوا الله ربكم حق تقاته، واشكروه على ما أنعم عليكم من النعم، واعبدوا واحمدوا الله، واعرفوا قدر النعم التي أنعمها الله عليكم، واحمده على منه عليكم بمواسم الخيرات والتي تتكرر كل عام، واستغلوا الشهر وتوبوا لله توبة نصوحا، ولا تموتن إلا وأنتم مؤمنون ثم أما بعد إن من الأسباب الظاهرة لكراهية المرأة زوجها هو وجود العيوب المنفرة، سواء كانت خَلقية أو خُلقية، ومن أهمها عدم الحرص على النظافة أو وجود عيب عضوي ظاهر تتعذر معه مواصلة الحياة الزوجية بما فيها من سكينة واستقرار، وكذلك وقوع الخيانة الزوجية، لأنه لا شيء يجرح المرأة. 

 

بل يطعنها في مقتل سوى إحساسها بتعلق زوجها بامرأة غيرها ويتسع جرحها، ويشتعل قلبها، وتنسحق مشاعرها إذا تأكدت من خيانة زوجها، وقد تسارع إلى إنهاء علاقة الزوجية فلا يمكنها زوجها من مرادها فتزداد كراهيتها له، وربما بلغت حدا يمكن أن يتصور معه وقوع ما لا تحمد عقباه، بسبب هذا الكراهية المقيتة، وأيضا هجر فراش الزوجية بلا سبب مشروع، لأن هجر الزوج لزوجته لا يعنى بالنسبة لها سوى الكراهية المجسدة، والبغض الشديد، وبخاصة عندما يكون بلا حاجة أو ضرورة، ومن غير سبب ظاهر يعود إليها، وكما أن من أهم الأسباب غير الظاهرة لكراهية المرأة زوجها هو غياب أو تغييب مشاعر الحب، لأن عدم الشعور بالحب المتبادل بين الزوجين يجعل العلاقة بينهما مجرد مساكنة، أو زواج مصلحة بارد لا حياة فيه ولا دفء. 

وأيضا إفتقاد الشعور بالأمن أو الطمأنينة، بسبب توقعها لغدر الزوج بها، كونه يهددها تصريحا أو تلميحا بالزواج بأخرى، لمجرد وقوع خلاف بسيط في وجهات النظر، وأيضا الإمتناع عن إعفاف الزوجة، بسبب الإهمال لها أو العجز عن إشباعها لأمر ظاهر أو خفي، وإستحياء الزوجة من الإفصاح عن رغبتها المضطرمة، وشوقها الشديد للمعاشرة، لأنها ترى يهملها، وأيضا إنعدام التوافق النفسي، ويقول ابن حزم في هذا الشأن ترى الشخصين يتباغضان لا لمعنى ولا لعلة، ويستثقل بعضهما بعضا بلا سبب، فالنفور وعدم التوافق النفسي، وإنقطاع التواصل الروحاني بين الزوجين، يعتبر من أدق وأخفى الأسباب، ولعل سببه يرجع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "الأرواح جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف" وهذا لا يعني إنتشار التباغض بينهما. 

 

فلربما يحب أحدهما الآخر، والأخير يبغضه، وبالعكس، فالحب من طرف واحد أمر واقع ومشاهد ولا ينكره إلا مكابر، وعدم التوافق النفسي هو معول هدم للأسرة، إذا لم يتداركه الحرص من الزوجين على الإستمرار لاعتبارات أخرى، وكما أن من أهم الأسباب غير الظاهرة لكراهية المرأة زوجها هو إنعدام المصارحة وتأخر المصالحة عند وقوع الشقاق أو ظهور أسبابه، وذلك قبل أن يستفحل خطره، ويهدد كيان الأسرة فالكتمان للآلام المجهولة المصدر وعدم مسارعة الزوج لإسترضاء زوجته عقب إستغضابها مباشرة أو بفترة وجيزة، يغرس في نفسها بذور البغض، ويبعث في قلبها نبضات الكراهية، لا ستشعارها الإهانة من زوجها، ولتأخره في جبر ما صدعته هذه الإهانة التي قد لا تغتفر إذا تأخرت المصارحة أو تعثرت المصالحة، بسبب التكبر أو العناد أو التقاعس غير المبرر.

 

ولا يمكننا حصر أسباب الكراهية غير الظاهرة، نظرا لتداخلها وصعوبة وضع معيار موضوعي لها، لأنها تتفاوت زيادة ونقصانا بحسب ما يكمن في نفسية كل زوجة، لكنها لا تخرج في الجملة عن ما ذكرناه، من أسباب كامنة تؤدي غالبا إلى كراهية الزوجة لزوجها، من حيث تدري أو لا تدري، لتراكم أسباب هذه الكراهية في النفس بلا إجتثاث أو تناس أو إسقاط لحساباتها القاسية.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

كاريكاتير