بقلم محمد الدكروري
أحمده الحمد كله، وأشكره الشكر كله، اللهم لك الحمد خيرا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثلما نقول، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، أشهد أن لا إله إلا الله شهادة أدخرها ليوم العرض على الله، شهادة مبرأة من الشكوك والشرك، شهادة من أنار بالتوحيد قلبه، وأرضى بالشهادة ربه، وشرح بها لبه، وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صلى الله وسلم على كاشف الغمة، وهادي الأمة، ما تألقت عين لنظر، وما اتصلت أذن بخبر، وما هتف حمام على شجر، وعلى آله بدور الدجى، وليوث الردى، وغيوث الندى، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد لقد حذرنا الله عز وجل من إتباع خطوات الشيطان، ومن الوقوع في الفاحشة، ولقد ذكر البيان بأن من أكثر ما يدخل الناس الجنة التقى وحسن الخلق.

ولقد وصف بعض الصالحين آثار هذه الفاحشة المدمرة، فقال "عاره يهدم البيوت الرفيعة، ويطأطئ الرءوس العالية، ويسود الوجوه البيض، ويخرس الألسنة البليغة، ويبدل أشجع الناس من شجاعتهم جبنا لا يدانيه جبن، ويهوي بأطول الناس أعناقا، وأسماهم مقاما، وأعرقهم عزا إلى هاوية من الذل والإزدراء والحقارة ليس لها من قرار، وهو لطخة سوداء إذا لحقت تاريخ الأسرة، كما هو عار يطول عمره طولا، فقاتله الله من ذنب، حمانا الله وذرارينا منه" ويقول ابن القيم رحمه الله " ومفسدة الزنا مناقضة لصلاح العالم، فإن المرأة إذا زنت أدخلت العار على أهلها وزوجها وأقاربها، ونكست رءوسهم بين الناس، وإن حملت من الزنا، فإن قتلت ولدها جمعت بين الزنا والقتل، وإن أبقته حملته على الزوج فأدخلته على أهلها وأهله أجنبيا ليس منهم فورثهم ورآهم وخلا بهم.
وانتسب إليهم وليس منهم" وأما زنا الرجل، فإنه يوجب إختلاط الأنساب، وإفساد المرأة، المصونة وتعريضها للتلف والفساد ففي هذه الكبيرة خراب الدنيا والدين، ولشدة خطره وعظيم قبحه شدد الله عز وجل عقوبة مرتكبه، فجعل له عقوبة معجلة، وعقوبة مؤجلة، جعل له عقوبة حسية ومعنوية، فالعقوبة الحسية العذاب الأليم بالجلد أو الرجم بالحجارة، والمعنوية أن لا نرأف به، ولا نشفق عليه حتى يبرأ من جريرته، ويتوب منها، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" رواه مسلم، فزنا الثيب أي المتزوج أقبح من زنا البكر، وإن من عقوبات الزنا كذلك أن الزاني قد تعجل له عقوبة أخرى فيرى غبها وأثرها في أسرته، وهذا قد وقع كثيرا.
فيا أيها الرجل إذا حدثتك نفسك بالزنا فتذكر مصير أهلك، وإذا حدثتك نفسك بالزنا مرة أخرى، فاسأل نفسك هل ترضى أن يزني أحد بزوجتك، أو بابنتك، أو بأختك؟ ثم اعلم بعد ذلك أن غيرك لا يرضى كذلك، ولقد روى الإمام أحمد عن أبي أمامة "أن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال "يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا مه مه؟ فقال "ادنوا" فدنا منه قريبا، فقال "اجلس" فجلس، فقال صلى الله عليه وسلم "أتحبه لأمك؟" قال لا والله جعلني الله فداك، قال "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم" قال "أفتحبه لابنتك؟" قال لا والله يا رسول الله، قال "ولا الناس يحبونه لبناتهم" قال "أفتحبه لأختك؟" قال لا والله، قال "ولا الناس يحبونه لأخواتهم" قال "أفتحبه لعمتك؟" قال "لا والله، قال "ولا الناس يحبونه لعماتهم" قال "أفتحبه لخالتك؟" قال لا والله،
قال "ولا الناس يحبونه لخالاتهم" قال فوضع يده عليه، وقال "اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وأحصن فرجه" قال فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
أضف تعليق